لقد عاش اللبنانيون،المفاعيل السياسية والأمنية والمؤسساتية لتجمعي 8 و 14 آذار السياسيين، ،مع ما رافقهما من انقسامات ومقاطعة ،واتهامات متبادلة،ومطالبة برحيل هذا أو ذاك،وتعطيل المؤسسات الثلاث الرئاسية والتشريعية والحكومية،وانقسام شعبي عمودي،برزت منه ملامح الفتن المذهبية خاصة،وضغوط خارجية من حرب تموز 2006 والمحكمة الدولية وعزل وحصار لبعض القوى والدول.
وجاء اتفاق الدوحة لتوليد حكومة الوحدة الوطنية والتوافق السياسي مما فرض على الفريقين،أن يبتلعا بعض الشعارات، وتدجين بعض المواقف ولتتعدل الإصطفافات السياسية من مغادرين إلى الوسطية غير الموجودة، إلى الإنفتاح مع المتهم – العدو – سوريا،والزيارات لفتح النوافذ المغلقة مع سوريا ،وتعديل اتفاقات وصياغة أخرى تضمن مصلحة البلدين،أي أن الاصطفاف الظاهري قد تبدل،والاصطفاف الداخلي في النفوس والنوايا لم يتبدل،فصار لزاما على كل فريق أن يكون بوجهين ولسانين،وجه ولسان لمقتضيات الاستقرار الداخلي، وأخر لمقتضيات الإبقاء على العصبية الداخلية للإحتفاظ بالجمهور المتأهب بانتظار أحداث يعلق البعض الآمال عليها،لإعادة تحقيق مشارعه التي أجهضت أو عرقلت أو فشلت،فبعضهم لا زال يأمل بتغيير موازين القوى سواء بعد حرب إسرائيلية جديدة،تقضي على المقاومة ومؤثراتها الداخلية،ومحكمة دولية يمكن إعادة صرفها عن هدفها الأصلي وهو كشف الجناة في جريمة اغتيال رفيق الحريري وبعضهم ينتظر،انكفاء(أميركا)وترددا إسرائيليا،ليثبت موضعه السياسي،واستكمال مشروع الصمود وتوازن الردع.
إن هذه الوقائع والآمال،وبما أن لبنان ليس جزيرة سياسية أو أمنية معزولة عن المنطقة أو العالم،فرضت على الجميع الانضواء تحت راية تجمع سياسي جديد غير معلن وهو تجمع (1 نيسان)السياسي الذي يرتكز على مفردتي الظاهر والباطن،المعلن والمخفي،المؤيد والرافض فكانت إرهاصاته واضحة المعالم على كل المستويات ومنها:
• الجميع وافق على خفض سن الاقتراع من 21 إلى 18 سنة لإشراك الشباب في العمل الانتخابي والحياة السياسية قبل الانتخابات،ثم عاد أكثرهم وأسقط مشروع التعديل.
• الجميع مع إجراء الانتخابات البلدية،مع الإصلاح بدونه،مع النسبية أو دونها،ومع إجرائها أو إلغائها.
• الجميع أو أكثرهم في الظاهر مع الانفتاح مع سوريا،ولكنهم ضد الانفتاح بعنوان الشروط السيادية والاستقلالية.
• الجميع مع الإنماء،والشفافية والكفاءة في التعيينات لكنهم مع المحاصصة ،والمخرج المشرف هو المحاصصة المهذبة والمشروطة .
• الجميع ضد الطائفية السياسية،لكنهم ضد إلغائها،حفظا للعيش المشترك والمناصفة والوحدة الوطنية.
• الجميع ضد الخصخصة والضرائب،لكنهم مع إقرار الموازنة بضرائبها وخصخصتها وديونها،وإلغاء مشاريع التنمية لعدم توفر المال.
• الجميع مع مطالب العمال والطلاب والأساتذة والمزارعين،لكنهم ضدها في مجلس الوزراء الذين يشاركون فيه،حفظا للإجماع والوحدة الوطنية .
• الجميع مع المقاومة،لكن مع نزع سلاحها،وعدم إستفزاز العدو الإسرائيلي وسحب الذرائع من يديه وأفكاره.
• الجميع مع تحرير مزارع شبعا،لكن بعضهم مع التحرير بالمقاومة،وآخرون بالدبلوماسية،والنتيجة أن مزارع شبعا ما زالت محتلة والخروقات الإسرائيلية ما زالت مستمرة.
• الجميع ضد الإلتحاق بالمحاور الإقليمية أو الدولية،لكنهم مع المحاور بعنوان الصداقة أو التحالف أو وحدة المصير أو بهدف المساعدة والهبات حتى لو كانت بعنوان المعاهدات أو الاتفاقيات.
• الجميع مع المرأة وإعطائها حقوقها،بطريقة الكوتا النيابية أو المساواة في المواطنية،لكن الجميع لا يرشح امرأة في النيابة ولا وزيرة في الحكومة،ولا في المكتب السياسي أو اللجنة المركزية.
• الجميع مع كل شئ وضد كل شئ وأكثرهم إعضاء في تجمع( 1 نيسان)،الإ في حال واحدة ،كيف تحمي الزعامة،وتحمي الطائفة،والمصالح.
• الجميع ضد العمالة والعملاء،لكنهم ضد الإعدام لهؤلاء، حفظا للوحدة الوطنية والـ 6-6 مكرر،والمشكلة في توصيف العمالة والعملاء،فالعمالة خيانة وعند البعض رأي سياسي،وعند آخرين ضمانة للبقاء والفوز...
سيعيش لبنان طويلا تحت راية(1 نيسان )،كما عاش منذ عام 1943 واستقلال لبنان،ليحفظ كل فريق جمهوره المتأهب للنزول إلى الساحات كلما دعت الحاجة،(شعارات 1 نيسان)،المتجددة عند كل استحقاق أو إنتخابات
عاش لبنان... عاش 1 نيسان... والموت للصدق والحقيقة؟!.
د نسيب حطيط